الخميس 26 يونيو 2025 10:16 م بتوقيت القدس
في وقت تتصاعد فيه التوقعات بشأن قرب التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، خرج الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب بتصريحات مفاجئة ومدوية، مدافعاً بشدة عن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ومطالباً بوقف محاكمته، وواصفاً إياه بأنه: "أعظم محارب في تاريخ إسرائيل، ويجب أن يُمنح عفواً فورياً."
هذه النبرة الحادة من الدعم السياسي تُعد تحوّلاً لافتاً في الخطاب الأمريكي تجاه نتنياهو، خصوصاً أنها تأتي في توقيت حساس، يشهد تراجعاً في الزخم العسكري، وتقدّماً ملموساً في مباحثات التهدئة. كما أن هذه التصريحات تختلف تماماً عما كانت تروج له وسائل الإعلام الإسرائيلية والغربية مؤخراً، من أن نتنياهو يطيل أمد الحرب على غزة لتأجيل محاكمته، والهرب من أزماته الداخلية المعقدة.
فقد كان يُنظر إلى نتنياهو في الداخل الإسرائيلي، على أنه يستغل التصعيد العسكري للبقاء في السلطة، وتأجيل مواجهته مع القضاء في ملفات الفساد التي تلاحقه منذ سنوات. لكن يبدو أن حربه الأخيرة مع إيران قد قلبت المعادلة، بعد أن أظهرت استطلاعات رأي إسرائيلية ارتفاعاً ملحوظاً في شعبيته، الأمر الذي سمح له بكسب نقاط إعلامية ثمينة، وتحويل صورته من زعيم مأزوم إلى "بطل قومي" في نظر أنصاره.
ويبدو أن نتنياهو يحاول الآن البناء على هذا "الزخم الإعلامي"، من خلال كسب دعم أمريكي رئاسي مباشر، يعيد تقديمه دولياً كرمز للقوة والاستقرار، لا كزعيم يواجه المحاكمة. تصريحات ترامب في هذا السياق لا تُقرأ كمجرد رأي، بل كمحاولة متعمدة لصناعة رواية بديلة، تُبرّر الصمت الأمريكي تجاه الجرائم في غزة، من خلال الترويج لنتنياهو كقائد يجب "حمايته" لا محاسبته.
ومن الملفت أن هذه المواقف تأتي بالتزامن مع مؤشرات متزايدة على قرب إنهاء الحرب، ما يثير التساؤل: هل نحن أمام قرار استراتيجي لإنهاء المعركة في وقت ذروة الدعم الشعبي لنتنياهو؟
وهل ستكون نهاية الحرب فرصة له لإغلاق ملف غزة سياسياً، وتحصين نفسه قضائياً، داخلياً وخارجياً، بمباركة أمريكية واضحة؟
في النهاية، تبدو الحرب على غزة وكأنها تُستثمر على أكثر من جبهة، من الجبهة العسكرية إلى الجبهة القضائية، مروراً بجبهات الإعلام والدبلوماسية. والضحية، كالعادة، هو الشعب الفلسطيني، الذي يدفع ثمن هذه المسرحيات السياسية المتكررة، بدمه وأرضه ومستقبله.
المصدر | https://x.com/Ziyad_Muhsen/status/1938133098970976470